السبت، 25 سبتمبر 2010

أشباح ميدان التحرير


أسير منذ ما يقرب من الساعة فى ميدان التحرير ، كلما إقتربت من محطة المترو ، بعدت عنها و أنا أخشى الاقتراب ، وكأن بها ما يخيفنى ، حاولت مرارا أن أرمى الخوف بعيدا ولكن دون جدوى ، أفكر مليا فيما سيحدث إذا ما عزمت على المضى قدما و لكنى رغم ترددى تقودنى قدماى الى ما لا أحب ، تحاول أن تسير على نفس خطى ذكرانا سويا ، فى نفس الطريق الذى طالما سرنا فيه بحثا عن الضوء أخره ، أحاول أن أبتعد عن ذلك الطريق الذى سرت فيه غير مبالية للعالم من حولى ، أعرف أننى أقوى أحياء الأرض إرادة و أسعدهم حظا ، أحب كل خطوط الارض وأعشق تفاصيلها أسير فلا أعبأ بعيون الأرصفة المنزوية فى أرجاء التحرير ، الهاربة من عالما ، تشعر فيه بالخوف و الوحدة ، تنظر الى لتخبرنى أننى لن أستمر هكذا ، و أن أحلامى فى ذراع رجلى لن تطول ، لا أصدقها و أنظر فى عينيك لأطمئن نسمات الهوى التى تقبلنى . 
أقترب رغما عنى من سلم المترو فتزل قدماى و أجدنى فى نفس المكان الذى أهرب منه دوما ، حيث أخشى السير فى طريق جمعتنا فيه ذكرى تقتلنى ، أنظر على قدمى فإذا بها تحاول أن تنغمس فى آثار أقدامى يوم أخبرتنى حبك ، فلقد حفرت كل خطوة على الارض حتى لاتنسانا الارض ، كنت أشعر أنها بما رحبت لا تسع إحساسى بالحب و السعادة و الامان ... 
الأمان ، تلك الكلمة التى أفقدتنى ثقتى بكل ما يدور فى الفلك حولى ، الأمان هو ما حلمت بإيجاده و تخيلت أننى قد إستحوذت عليه فحفرت بقدمى فى الارض حتى أؤكد لقلبى أن ذلك الاحساس الذى أشعره ليس حلما إنه واقع أتحسسه فى نظراتك التى تملؤنى دفء ، أتلمسه فى مشاعرك التى فاضت من ملامحك حين نظرت الى و أخبرتنى أننى قد ملكت كل ما فيك . 
ولكن هناك ما أقلقنى فلقد أبت قدمى أن تتطابق و تلك الأوعية التى صنعتها بنفس القدم ، فلقد أصبحت قدماى أكبر من آثارى فى الماضى ، ترى ، ما أنسى الارض ملامح قدماى ؟ 
أشحت ببصرى بعيدا حتى لا يقتلنى نكران آثارى القديمة ، أوليست هى تلك القدم التى صنعتها ، أوليست هى تلك التى حاولت أن تهديها ميلادا جديدا فى يوما لا ينتسى ؟ 
نظرت الى المارة من حولى فلم أر غير اشباحا ، أجسادا بلا ملامح ، أناسا يدقون الارض ذهابا و إيابا ، ولا يعيرون لملامحهم إنتباها ، فهل يدركون ما ألم بهم أم أننى وحدى التى عيناها لا ترى أشخاصا لم يعد لوجودهم ذات الأهمية التى كنت اراها فى ما مضى ؟ 
كثرت تساؤلاتى و لكى أتخلص منها فركت عينى لأتأكد من أشباحى ، فوجدت لتلك الاشباح عيون زائغة تبحث عن فرار ، وتحاول الخروج من محطة المترو التى تحمل لكل شبحا ذكرى و أثرا لقدمه ، فتيقنت أننى الأخرى أصبحت شبحا لا يعرف وجهه ، ويخشى دوما السير فى آثار قدمه التى ضاقت عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق