الخميس، 9 سبتمبر 2010

عودة

أخبرتها عن رغبتى الشديدة فى العودة إليها مرة أخرى و أخذت أعدد مزايا تلك العودة متخيلة أنها سوف ترفض أو أنها لن ترغب فى ذلك الفعل الجنونى و لكننى وجدتها تتمنى هى الأخرى أن أعود إليها و تملكتها سعادة عارمة لمعرفتها رغبتى تلك ، كما أنها أشارت لمزايا أخرى غير تلك التى رصصتها منذ قليل ، ولكنها فجأة نظرت فى عينى تلك النظرة التى كنت أخشاها و أعتقد أنها السبب فى رفضها عودتى إليها ، لقد أيقنت سبب رغبتى فى العودة و عرفت أن غرضى ليس فقط لأننى أحبها و أننى أمتلك سببا آخر أيقنته أيضا ، لم أكن أدرك أنها تشعر بمأساتى بكل تلك القوة ولم أعتقد أنها سوف ترفض رغم رغبتها الشديدة فى إستعادتى .

ضمتنى إليها و إنغمست فى أعماقها ، وشرعت فى البكاء إلا أن مطر عينيها قد سبقنى و غمرنى فلم أملك غير مزيد من التمسك و الإصرار على طلبى و التأكيد على رغبتى الشديدة فى تلك العودة أو البعد النهائى عن كل ذكرى تربطنى بكل شئ و أى شئ ، إما أن أعود داخلها مرة أخرى ، أو أبحث عن وطنا آخر له طرقا وشوارع غير تلك التى كسرتنى و إلتهمتنى ، مدينة غير مدينتى الحزينة ، عيونا غير عيون ألفتها عمرا و سكنتها و سكنتنى ، قلوبا أفقدتنى عمرى و طفولتى البريئة ، إلا إنها أصرت على الرفض و نعتتنى بالهروب و الإستسلام و أكدت على ضرورة البحث عن حلول لأزماتى حتى لو كان هذا الحل هو البدء من جديد قاطعتها بأن عودتى إليها هى البداية الجديدة و لكنها قالت أن عودتى ليست بداية جديدة هى فقط نفس البداية لنفس الطريق .

رفضت أمى أن أعود بداخلها جنين مرة أخرى خوفا من زيادة مأساتى رغم تأكيدها أنها لن تشعر بالإطمئنان على إلا فى هذه الحالة لكنها سوف تتوحشنى و تتمنى رؤيتى مرة أخرى سريعا و أنها تخشى حدوث إختلاف و لا ترانى مرة أخرى كما تعودت رؤيتى ، و أن أكون إبنتها التى تحبها و تفتخر بها تحت كل الظروف و بكل ما يحمل تكوينى من إيجابيات و سلبيات و أنها لا تشعر بالرغبة فى تغييرى وأنها تحبنى كما أنا .

حياتى كما تراها أمى لا ينقصها إلا الحب و الزواج والأسرة المستقرة و أنه لا يعوزنى أى تغيير فى شخصيتى إلا من خلال التخلى عن بعض أولوياتى التى تتمثل فى العمل ثم العمل ثم العمل حتى " نسيت بأننى أنثى " كما تتغنى إحداهن فى إحدى أغنياتى المفضلة و لكن سبب نسيانها لأنوثتها يختلف عن سبب نسيانى لأنوثتى ، حيث أنها تعرضت للخيانة المتكررة ، أما أنا فأهتم كثيرا لمستقبلى و أحاول بناؤه و تنميته قبل أى شئ و على حساب كل شئ ، رغم رغبتى المستميته فى إيجاد من يشاركنى هذا المستقبل و لكننى أتخوف دائما من وقوعى فى ذلك الذى يدمر مستقبلى و يهد ما بنيتة و يقتلعه من جذورى .

أمى عرفت أزمتى دون البوح بها ، و أشارت إليها بإصبع ذهبى ووجدت لى الحل المثالى من وجهة نظرها إلا إننى لم أكن أعرف أن هذا الحل لن يكون هو المثالى لى لأننى إذا فعلت ما قالته لى فلن أكون سعيدة كما ترى هى ، فقط سأجد شريك لى و لكن لن يكون شريك لحياتى و مستقبلى و إنتصاراتى ، لذا فقد عزفت عن رغبتى تلك فى إيجاد هذا الشريك لأننى لن أتغير وسوف أجد من يغمرنى حبا و سعادة دون أى تغيير يذكر و لكننى مازلت أحلم بالعودة إلى بطن أمى لأننى مازلت أبحث عن الأمان .. و الأمان هناك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق