الجمعة، 10 سبتمبر 2010

أين هى












تخلفت عن الحضور ، ولم يكن يتوقع ألا يراها فهى دائمة الظهور فى تلك الندوات التى تناقش قضية الحريات ، تهتم بالحريات و حقوق الإنسان و الحيوان ، تحفظ عن ظهر قلب " الإعلان العالمى لحقوق الإنسان " وحين عرف أن تلك الندوة سوف تناقش " الرواية العربية وحرية الرأى و التعبير " بات ليال يحلم بتلك الليلة التى سوف تجمعهما حتى لو لم تشعر بوجوده ، حتى لو كانت ستأتى مع آخر ممسكة بيدية .

حلم بذلك اللقاء حتى حفظه عن ظهر قلب ، و عرف أنه سيلقاها و ربما يناقشها فى أحد الحريات التى تدعوا لها لمجرد أن يوجه لها حديثا و يراها ترد عليه ، سيقول لها كم هى رائعة أفكارها و سيخبرها كم هى جملية تلك الكلمات التى تتفوهها ، سيرشدها لعالم آخر من الرجال الذين لم تقابلهم من قبل ، سيشرح لها سبب عدم لقاؤهما من قبل و سترى فى عينيه ذلك الوهج الذى طالما حلمت به و ستعرف أن ما رأته طيلة حياتها من قبله لم يكن شيئا يذكر .

ستعرفه فور ظهوره من الباب ، فلن تحتار كثيرا فى ماهيته ، و لن تجده مختلفا عن الحضور و لن تشك فى تاريخ ندواته ، فلن تعرف أنه فى كل مرة يأتى فيها لحضور إحدى ندوات " الحريات " لا يتحدث إطلاقا و لا يشترك فى الحوار و لا يتدخل إذا إحتدم النقاش و كأنه بلا رأى ، لن تعرف أنه لا يأتى إلا لأسباب هو وحده من يعرفها .

سيقف قبالتها و يخبرها كل ما يدور فى خلده ، سيمسك بيدها و يخبرها كل شئ و ستغفر له كل ما صدر عنه من أخطاء ، حتى لو لم تراها ، حتى لو كانت تلك الأخطاء هى فقط مجرد رغبته فى النظر إليها دون غيرها ، حتى لو كانت كل مشكلته فى الحياه هى رغبتة الشديدة فى التقرب إليها رغم تأكده من إنشغالها بغيره ، لن تعرف أبدا أنه لا يحلم بسواها و أنها ملكت قلبه و إحتوته رغم نكرانها هويته .

لكنها اليوم لم تأت ، فزع لمجرد تخيله تلك الكارثه أتكون فقدت رغبتها فى التحلى بالحرية ، أم ربما تكون مريضة ولن تأتى لوعكتها الصحية ، و كيف سيعرف ما حدث ، هل يسأل عنها ربما يعرف أحد الحضور بما حدث لها ، من المؤكد أن يعرف أحدهم فهى شخصية ثرية الفكر يحبها الجميع و بالتأكيد يعرفون ما منعها من المجئ و لكنه خاف أن يكون السبب شيئا لا يريد سماعه ، لربما تكون .. ، أو تكون و قد تكون و تكون وتكون و لكنها أبدا لن تكون غير تلك الفتاة التى ليست بأى فتاة ، هى وهى فقط من يعرف ما حدث

لن يسأل و سيظل يبحث عنها رغم إحساسه بأهمية معرفته لسبب تغيبها و لكنه لن يرى غير إبتسامتها المشرقة لو كانت مريضة و لن يسمع غير ضحكتها لو كانت حزينة ، و لن يشعر سوى بالحياة تدب فى كل تفصيلة من تفاصيله لو كانت تحيا سعيدة .

عاد إلى بيته ومازال يحلم بالندوة القادمة لكى يرى ذلك الضى فى عينيها ليخبره بإستمرار الحياة ، ولن يسألها عن عدم حضورها اليوم لأنها حقيقة لم تغب عن خاطره للحظة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق