الأحد، 5 ديسمبر 2010

غفوة





تتصافح الاصوات داخلى ، بين الحلم والواقع ، حتى انى لا اعرف ايهما يمثل الحياة بالنسبة لى .
استيقظ على ذاك الصوت الذى لا يعبر عن شئ يدلنى ، إما اننى مازلت داخل حلمى ، او أن واقعى اصبح ذا معنى مختلف عما تعودت عليه .
اعود بذاكرتى لبداية أحلامى ، فلا اعرف ايهما اسبق ، الحلم ام الحقيقة ، و لكنى اعرف انى مازلت املك شيئا من واقعى .
استيقظ يوميا على احساسى بالغرق و سماعى لاصوات مكتومة  كأنين ناى يحتضر
ترمز رؤياي لشئ مرير و لكنى اتوارى عنه رغبة فى تصديق عدم جدواه و لكن ما يؤرقنى حقا هو رغبتى المستمية فى معرفة الفرق بين واقعى و الحلم ، و اصرارى على معرفة اسباب اختلاطهما ببعض .
اعرف ان هناك أمرا لو عرفته لما تمنيت الوصول لذاك السبب
اركض خلف شظايا حلم ، علّنى وصلت لمحتواه فأذكر أنى فى كل مرة أشعر ضيقا فى تنفسى و مياه تغمرنى و رغبة شديدة فى التبول
اترك فراشى لاذهب سريعا لأفض ما حملته ساعات نومى ، و اتسأئل من أين تأتى كل تلك المياه وانا لم اشرب خلال نومى ، ربما اكون فى حلمى شربت شيئا باردا ، او أنى شربت مياه كثيرة ، لكنى لا اذكر ذلك على الاطلاق .
يوميا امر بتلك التجربة ، و لم اتنازل عنها و كأنها عادة لدى استمد منها طقوس صباحى ، و لكن لم تكن تلك الطقوس هى ما تدعو لشعورى بغرابتها و لكن ما وراءها من تفسيرات و تأويلات اهتممت بها
تخيلت انى قد اصاب بالتبول اللاارادى  و ما يحدث هو الانذار الذى يبشرنى بقدوم الاكثر قسوة ، و حينما سألت متخصصا اخبرنى انه لا داعى للقلق و ربما التوتر هو ما يحدث ذلك .
امر على افلامى السينيمائية التى اصبحت المفضلة لدى ، ليس لانها ذات تقنية عالية أو لأى سبب اخر قد يرضى جمهور الافلام السينمائية ، و لكننى اشعر انها تخبرنى شيئا خفيا على .
اذكر ان  فيلم " 1000 مبروك " لأحمد حلمى ناقش جزءا من مشكلتى و هى الاستيقاظ و عدم القدرة على التفرقة بين الحلم و الواقع  ، ثم يأتى فيلم " inception " للنجم العالمى " leonardo dicaprio " ليناقش أمرا آخر وهو محاولة الحصول على اكبر قدر من المعلومات المختزنة فى اللاوعى ، و توظيفها بما يتناسب مع الشخص الحالم ، لأقع فى شرك تلك الافلام التى لا تفسر ما امر به .
ازداد نحولة ، و شهيتى افقدها يوما بعد الاخر ، و رغبتى فى التبول مازالت فى ازدياد كلما نمت و حلمت ، لتصبح مأساتى اليومية فى ازدياد .

لاغفو يوما بين يدى طبيبى وهو يخبرنى اصابتى بمرض " السكرى " الذى يمنحنى هذا الشعور الدائم بالرغبة فى التبول ، و يسمح لجسدى بالتضاؤل و النحول يوما بعد يوم ، حتى انى لا اعرف هل اصبت بهذا المرض أم احلم به .

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

كابوس متكرر



يرفرف بعيدا بملامح تشبهنى و كأنه ينتمى إلى . 

يرتفع عن الأرض .. يتنفس الهواء.. فيشعر بالحرية ، يقترب من السماء ، فيسقط 

لم يرتطم بالأرض لتنتهى حياتة فور سقوطه و لكنه تذوق طعم ماء البحر و إختنق به . 

حاول الصراخ مرارا دون جدوى فلم يملك الصوت الذى قد يصل لمنقذيه ، حاول البحث عن أمل و لكن الماء غمرته فلم يقو حتى على الحركة ، إحتضنه البحر و حين إختفى بداخله ، إستيقظت و أنا أشعر بالإختناق و طعم ماء البحر لم يفارقنى ذاك اليوم ، لم أرغب فى الحديث عن ذلك الكابوس الذى سرق فيه الطائر ملامحى و مات بها . 





مازال يرفرف بملامحى و يسعد بالحرية و الصفاء الذهنى ، إلى أن يسقط مرة أخرى و يحاول الصراخ و لكنه هذه المرة لم يكن وحيدا فى البحر ، فلقد كان حولة أناس كثيرون يحملون ملامحا أراها كل يوم ، يحاول الصراخ بلا جدوى فلم يتحرك أحد لإنقاذه رغم إستطاعة الجميع .

الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

أكرهك ..لأنى أحبك كثيرا



أحبك
أنادى عليك
أسمعك همسا و صراخا
أشعرك قسوة و حنو
أذوب عشقا فى ملامحك ، فلا اعرف ايهما لى و ايهما لك
اتذوق انفاسى - حين تنطق اسمك - بطعم السكر
اتيم بصوتك ، و اعشق تفاصيلك
اكتب اليك لحنا ادندنه دوما فى لحظات سعادتى
اعلن لكل من حولى عن رغبتى فى احتضانك و الارتواء من انفاسك
اخبرهم قدرتى على الانكسار فوق كتفك دون شعور بالخجل
اسر للعالم بأكمله بانتصارك علىّ و انتمائى اليك
اكتبك عنوانى
اشعر بنجاحى حين ترتسم فوق وجهك ملامح " أُحبُكِ "
اصير ملكة متوجة حين تعلنها عيناك لقلبى دون العالم
يسألوننى عن ذاك الذى أخذنى منهم
يريدون رؤيتك ... من امتلكتنى و قلبى
يتشوقون للحديث إليك


فلا أعرف ماذا أخبرهم ...هل أقول أنى حتى لا اعرفك ؟
يسألوننى عن أوصافك فلا يجدون عندى الاجابة ، انا لا أعرفك
فقط ارغبك  بجانبى
اعرف مشاعرى حين تكون هنا
لكنى لا أعرفك
استطيع الاحساس بإهتمامك
لكنى لا اعرف من انت
اسمع اغنيات الحب لأننى أحب أن اشعر بتلك اللحظات التى يناجى فيها أحدهم من يحبه
اشعر تجاه تلك الاغنيات بمراهقتى
حيث أننى فى تلك الاحيان ، اتخيلنى بطلة القصة و أشعر بمن يهدى لى كلماتها
و اسعد بها
و قد اهدى له كلمات أغنية أخرى ، تعبر عما أشعره
و حين يشك من حولى فىّ ، و يريدون معرفتك


أكرهك
لانك حتى لم تخبرنى ، كيف تبدو ملامحك حتى أستطيع وصفك
أكرهك
لأنك لم تأت بعد
أكرهك
لأننى أحتاجك و اخشى مجيئك بعد الأوان
أكرهك .. لأنى أحبك كثيرا





السبت، 25 سبتمبر 2010

أشباح ميدان التحرير


أسير منذ ما يقرب من الساعة فى ميدان التحرير ، كلما إقتربت من محطة المترو ، بعدت عنها و أنا أخشى الاقتراب ، وكأن بها ما يخيفنى ، حاولت مرارا أن أرمى الخوف بعيدا ولكن دون جدوى ، أفكر مليا فيما سيحدث إذا ما عزمت على المضى قدما و لكنى رغم ترددى تقودنى قدماى الى ما لا أحب ، تحاول أن تسير على نفس خطى ذكرانا سويا ، فى نفس الطريق الذى طالما سرنا فيه بحثا عن الضوء أخره ، أحاول أن أبتعد عن ذلك الطريق الذى سرت فيه غير مبالية للعالم من حولى ، أعرف أننى أقوى أحياء الأرض إرادة و أسعدهم حظا ، أحب كل خطوط الارض وأعشق تفاصيلها أسير فلا أعبأ بعيون الأرصفة المنزوية فى أرجاء التحرير ، الهاربة من عالما ، تشعر فيه بالخوف و الوحدة ، تنظر الى لتخبرنى أننى لن أستمر هكذا ، و أن أحلامى فى ذراع رجلى لن تطول ، لا أصدقها و أنظر فى عينيك لأطمئن نسمات الهوى التى تقبلنى . 
أقترب رغما عنى من سلم المترو فتزل قدماى و أجدنى فى نفس المكان الذى أهرب منه دوما ، حيث أخشى السير فى طريق جمعتنا فيه ذكرى تقتلنى ، أنظر على قدمى فإذا بها تحاول أن تنغمس فى آثار أقدامى يوم أخبرتنى حبك ، فلقد حفرت كل خطوة على الارض حتى لاتنسانا الارض ، كنت أشعر أنها بما رحبت لا تسع إحساسى بالحب و السعادة و الامان ... 
الأمان ، تلك الكلمة التى أفقدتنى ثقتى بكل ما يدور فى الفلك حولى ، الأمان هو ما حلمت بإيجاده و تخيلت أننى قد إستحوذت عليه فحفرت بقدمى فى الارض حتى أؤكد لقلبى أن ذلك الاحساس الذى أشعره ليس حلما إنه واقع أتحسسه فى نظراتك التى تملؤنى دفء ، أتلمسه فى مشاعرك التى فاضت من ملامحك حين نظرت الى و أخبرتنى أننى قد ملكت كل ما فيك . 
ولكن هناك ما أقلقنى فلقد أبت قدمى أن تتطابق و تلك الأوعية التى صنعتها بنفس القدم ، فلقد أصبحت قدماى أكبر من آثارى فى الماضى ، ترى ، ما أنسى الارض ملامح قدماى ؟ 
أشحت ببصرى بعيدا حتى لا يقتلنى نكران آثارى القديمة ، أوليست هى تلك القدم التى صنعتها ، أوليست هى تلك التى حاولت أن تهديها ميلادا جديدا فى يوما لا ينتسى ؟ 
نظرت الى المارة من حولى فلم أر غير اشباحا ، أجسادا بلا ملامح ، أناسا يدقون الارض ذهابا و إيابا ، ولا يعيرون لملامحهم إنتباها ، فهل يدركون ما ألم بهم أم أننى وحدى التى عيناها لا ترى أشخاصا لم يعد لوجودهم ذات الأهمية التى كنت اراها فى ما مضى ؟ 
كثرت تساؤلاتى و لكى أتخلص منها فركت عينى لأتأكد من أشباحى ، فوجدت لتلك الاشباح عيون زائغة تبحث عن فرار ، وتحاول الخروج من محطة المترو التى تحمل لكل شبحا ذكرى و أثرا لقدمه ، فتيقنت أننى الأخرى أصبحت شبحا لا يعرف وجهه ، ويخشى دوما السير فى آثار قدمه التى ضاقت عليه

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

موعد محدد
















تقف على حافة الشرفة و تطل على الطريق البعيد لتراه وهو قادم و لكنه لا يأتى ، تنتظره دائما ليتناول معها وجباتها اليومية الثلاث ، و لكنها تأكل بعد أن تموت جوعا دون أن تجده أمامها فى أية لحظة كما تتخيل ، تتحسس فراشة - الذى وجد خصيصا من أجله - و لكنه مرتبا لا يمسه أحد غيرها ، تختلس النظر كل ليلة قبل أن تنام لعله يكون قد جاء فى غفلة منها ولكن فراشه ينام وحيدا بلا أنفاسا تدفئه .

تفتح عيناها صباحا لتنظر إلى السماء و تدعو الله أن تراه قريبا و أن تحتضنه بما يعوضها أياما ضاعت فى البحث عنه و إنتظاره ، تسأل عنه كل من تقابله ، ترسم له صورا كثيرة و لكنها تخشى ألا تتطابق ملامحهما – الصور و هو – و لكنها رغم ذلك تستمر فى الرسم .

تنظر غاضبة لكل من حولها و تحملهم ذنبا لم يرتكبوه ، فهم يؤكدون لها أنها تتعجل قدومة و أنه لابد أن يأخذ وقتا كافيا قبل أن يأتى .

ضاقت ذرعا بتأخرها و ضاقت بمن حولها و لا أمل فى ظهورة ، إقتربت ذات يوم من أمها ووضعت يدها على بطنها لتسأله عن موعده المحدد وتخبره أنها تحبه و تنتظره ليطمئن و يأتى سريعا .

جلست إلى جوار أمها ، ووضعت شفتيها على بطن أمها و همست له بعضا من أمنياتها و أحلامها التى تريد تحقيقها معه و أخبرته عن الحياة الجميلة التى سوف يحياها بصحبتها ، كما أنها أخبرته برغبتها فى اللعب معه و مشاركته لعبها و ضحكاتها و صرخاتها .

وفى نفس اليوم خرجت أمها و قد احضرته معها ، فعرفت أنها كانت تغفل محادثته عن أحلامها ورغبتها فى اللعب معه و حبها له ليجد مبررا قويا يجعله يتعجل المجئ و لا ينتظر تلك الفترة التى أخبرها عنها والديها .





لم يكن كأى شتاء

لم يكن كأى شتاء

أسمع تلك الوريقات التى ترتعش فوق الأشجار ، أنظر إليها من خلف نافذتى الزجاجية و لا أعرف هل هى خائفة أم أنها تشعر ببرودة الهواء الذى أتى محملا برسائل الشتاء .

يأتى الهواء هذا العام مثقلا بالهموم ، أتعبة الترحال ، أم أنه سكن عيون حيرى فإنتهكته الأفكار ؟

كان العام الماضى مجرد شتاء و هواؤه لم يكن كتلك الرياح التى تهز أشجارى بعنف ، لم يكن شتاء العام الماضى كأى شتاء ، لم يحمل آلام الوحدة أو عذابات الغربة بين الأهل و الأصدقاء .

لم يكن كالشتاء الذى يثير بالقلب رعشة الخوف من صرخات الرعد و شرارات البرق ، كان مجرد شتاء ، أذكرة كما لم أذكر أى شتاء .

حلمت فيه بالدفء و شعرته ، ولم أقشعر فيه من قسوة البرد .

لم تلمس فيه وجنتاى قطرات السماء ، لم يكن شتاء العام الماضى كأى شتاء ....

كان حلما ففزعت من أبطاله ، حتى جاء من بعدة شتاءنا هذا الذى يعلن عن قدومة قبل أن تتساقط أوراق الخريف محترقة من فوق الأشجار ...

أراها تلك القطط الهاربة من شتاء هذا العام ، وقد تفوقت على شتاء العام الماضى و اخرجت له ألسنتها فأشعلت فى قلبة الحنين ليعود كما كان فى الماضى شتاء .

فلم يكن شتاء العام الماضى كأى شتاء .

أين هى












تخلفت عن الحضور ، ولم يكن يتوقع ألا يراها فهى دائمة الظهور فى تلك الندوات التى تناقش قضية الحريات ، تهتم بالحريات و حقوق الإنسان و الحيوان ، تحفظ عن ظهر قلب " الإعلان العالمى لحقوق الإنسان " وحين عرف أن تلك الندوة سوف تناقش " الرواية العربية وحرية الرأى و التعبير " بات ليال يحلم بتلك الليلة التى سوف تجمعهما حتى لو لم تشعر بوجوده ، حتى لو كانت ستأتى مع آخر ممسكة بيدية .

حلم بذلك اللقاء حتى حفظه عن ظهر قلب ، و عرف أنه سيلقاها و ربما يناقشها فى أحد الحريات التى تدعوا لها لمجرد أن يوجه لها حديثا و يراها ترد عليه ، سيقول لها كم هى رائعة أفكارها و سيخبرها كم هى جملية تلك الكلمات التى تتفوهها ، سيرشدها لعالم آخر من الرجال الذين لم تقابلهم من قبل ، سيشرح لها سبب عدم لقاؤهما من قبل و سترى فى عينيه ذلك الوهج الذى طالما حلمت به و ستعرف أن ما رأته طيلة حياتها من قبله لم يكن شيئا يذكر .

ستعرفه فور ظهوره من الباب ، فلن تحتار كثيرا فى ماهيته ، و لن تجده مختلفا عن الحضور و لن تشك فى تاريخ ندواته ، فلن تعرف أنه فى كل مرة يأتى فيها لحضور إحدى ندوات " الحريات " لا يتحدث إطلاقا و لا يشترك فى الحوار و لا يتدخل إذا إحتدم النقاش و كأنه بلا رأى ، لن تعرف أنه لا يأتى إلا لأسباب هو وحده من يعرفها .

سيقف قبالتها و يخبرها كل ما يدور فى خلده ، سيمسك بيدها و يخبرها كل شئ و ستغفر له كل ما صدر عنه من أخطاء ، حتى لو لم تراها ، حتى لو كانت تلك الأخطاء هى فقط مجرد رغبته فى النظر إليها دون غيرها ، حتى لو كانت كل مشكلته فى الحياه هى رغبتة الشديدة فى التقرب إليها رغم تأكده من إنشغالها بغيره ، لن تعرف أبدا أنه لا يحلم بسواها و أنها ملكت قلبه و إحتوته رغم نكرانها هويته .

لكنها اليوم لم تأت ، فزع لمجرد تخيله تلك الكارثه أتكون فقدت رغبتها فى التحلى بالحرية ، أم ربما تكون مريضة ولن تأتى لوعكتها الصحية ، و كيف سيعرف ما حدث ، هل يسأل عنها ربما يعرف أحد الحضور بما حدث لها ، من المؤكد أن يعرف أحدهم فهى شخصية ثرية الفكر يحبها الجميع و بالتأكيد يعرفون ما منعها من المجئ و لكنه خاف أن يكون السبب شيئا لا يريد سماعه ، لربما تكون .. ، أو تكون و قد تكون و تكون وتكون و لكنها أبدا لن تكون غير تلك الفتاة التى ليست بأى فتاة ، هى وهى فقط من يعرف ما حدث

لن يسأل و سيظل يبحث عنها رغم إحساسه بأهمية معرفته لسبب تغيبها و لكنه لن يرى غير إبتسامتها المشرقة لو كانت مريضة و لن يسمع غير ضحكتها لو كانت حزينة ، و لن يشعر سوى بالحياة تدب فى كل تفصيلة من تفاصيله لو كانت تحيا سعيدة .

عاد إلى بيته ومازال يحلم بالندوة القادمة لكى يرى ذلك الضى فى عينيها ليخبره بإستمرار الحياة ، ولن يسألها عن عدم حضورها اليوم لأنها حقيقة لم تغب عن خاطره للحظة .

حوائط








نظرت بشئ من الحسرة لتلك الغرفة التى طالما حلمت بتغييرها ، و تمنت لو تستطيع التخلى عن ديكورها العتيق و إستبداله بأثاث جديد تماما يحمل ذوقها الخاص حتى لو لم تصبح الغرفة ذات شكلا يبهر كل من يراها كما كانت تردد أمها على طراز البيت بأكمله ، كم تمنت أن تجعل حوائط غرفتها الأربعه تدب بالحياة فحلمت أن تخصص الحائط المجاور الذى يحمل بين ضلعيه باب الغرفة ، ليكون حوضا للسمك بطول الحائط ملئ بكافة أنواع أسماك الزينة من كافة الأحجام ،و أن تقوم يوميا بالإعتناء بأسماكها الثمينة ، و تطلق على كل منها إسما مختلفا يعبر عن روح السمكه او ما تراه هي فيها ، كم تمنت أن تكون تلك الأسماك بمثابة العائلة التى تلجأ إليها ، فلقد كان هاجسها منذ الطفولة أنها يوما لن تجد غير تلك الغرفة لتحتمى بها من العالم الخارجى ، لذا فكانت تريدها عائلة بديلة إذا ما إضطرت لمواجهة العالم وحدها .

أما عن حائط الباب فكان مختلفا لأنه يحمل بابا لا يتوانى عن الذهاب و الإياب كل دقيقه ، فقررت أن تخصص ذلك الحائط ليحمل صورا فوتوغرافيه لها و لعائلتها و كل أصدقائها حتى تتذكر دائما أنهم جميعا يجيئون و يذهبون و لن يستمر أحدهم بحياتها ، و عندما فكرت فى الحائطين المتبقيين فلم يطل تفكريها لأنها لن تجد أفضل من بناء أرفف خشبية سميكة لتحتمل خبرات و تجارب و حيوات و عوالم أدباء من كل العصور و الأزمنة ، و قد أخذت عهدا على نفسها أنها أبدا لن تضع فوق تلك الأرفف الخشبية سوى الكتب التى تؤثر فيها بصورة أو بأخرى حتى تكتسب تلك الأرفف حبا خاصا لديها و تكون مهربا لها من واقع - قد يكون مريرا فى معظمه - و لكنه واقع ولن تتخلص منه إلا سويعات هى تلك التى تقضيها بصحبة أهل تلك الأرفف .

إلا أن تلك الاحلام جميعها لم تتحقق لرفض أمها فكرة تغيير ديكورات صممتها بنفسها و دفعت ثمنها غالى جدا ، و كانت تدب بينهما مشكلات و خلافات و نقاشات و حوارات ودية كثيرة بسبب تلك الحوائط الأربعة ، و لكنها يوما لم تستطع إقناع أمها بالفكرة ، و ظلت لأيام و ليالى تحلم بتلك اللحظة التى تتمكن فيها من إمتلاك زمامها بنفسها و التخلص نهائيا من سطوة تلك الأم التى لا ترى فى حياتها غير آرائها الفردية فقط ، بل و حلمت أيضا بذلك اليوم الذى تخرج فيه من بيتا لا يحتمل أكثر من قبطانا واحدا متعسفا فى رأيه .

و فى غمرة تلك الأحلام لم تكن تتخيل قسوة تحقيقها و لم تعرف أنها قد تنقلب عليها أو فقط تفقد ذلك البريق المرتبط بالحلم و التمنى ، لم تعرف أنها قد تستيقظ يوما لتجد نفسها فقدت قبطان تلك السفينة و أصبحت بلا عائلة فلم يعد لديها فى الحياه بعد تلك الأم غير حوائط كثيرة و أبواب و نوافذ – أصبحت تملكها كلها - لكنها لن تستطيع تغيير شيئا واحدا فيهم لأنهم يحملون الذكرى الوحيده التى عرفتها يوما ، عائلتها لم تكن تحمل غيرها و أمها و بعض الأقارب الذين إنقطعت زياراتهم شيئا فشيئا حتى لم يعد لملامحهم معنى فى القلوب ، حتى والدها لم تعرف عنه غير ذلك الإسم الملتصق بها منذ الطفولة فقد تخلى عنها طفلة فى الخامسة من أجل أطفال آخرين لم تعرفهم أيضا .

لم تكن تعرف أبدا أنها حين تمتلك زمامها لن تقوم بتلك التغييرات فلن يكون هناك حائط للصور الفوتوغرافية و لن تحتمل وجود اسماك على حائط طلته أمها خصيصا لها ، و لن تجد أرففا خشبية تحمل إرثا ليس لها .





الخميس، 9 سبتمبر 2010

القلم الحزين


يعتقد قلمى فى عدم قدرتة على وصف الجمال الذى تتمتع به العيون الضاحكة أو الوجه الباسم ، كما أنه يرغب دوما فى التعبير عن حزنه أكثر من الخوض فى تجارب فرحه ، و يظن أنه مختبئ بين الورق بكلمات قد لا تدل معظم الوقت على حالته النفسية ، و لكنه مخطئ و لا يدرك أن كل من حوله يدرك معاناته و لكنهم يجهلون التفاصيل .

يشعر قلمى بالوحدة رغم كثرة الأقلام فى درج مكتبى الخشبى اللون ، ويعتقد أن تلك الوحدة لن يخلصه منها سوى حلما يراه فى الأفق البعيد و يرغب فى تحقيقه و لكنه لا يعرف كيف ، كما أنه يشعر بالحزن لهذا الشعور بالوحدة رغم أننى معظم الأوقات أراه يبتسم لأحد الأقلام المجاورة له ، أو يتحدث بحميمية لآخر و لكنه رغم ذلك مازال وحيدا بين أقرانه ، و يرجع يأس كلماته و إفتقارها للمرح كنتيجة طبيعية لشعوره بالوحدة و عدم قدرتة على التخلص منها .

يرسم فوق الورق أشياء حزينة و بائسة تخلو منها الحياة و تخلو من الإبتسام ، يرسم أياما تتشابة وقلوبا تتجافى ، يرسم سماوات سوداء لا يضيئها شئ .

يعلم أنه يلمح ضيا - فى عيون من حوله – يخبره كم هى سعيدة الحياة و لكنه يتنكر لذلك الإحساس و يستمر فى رسم البكاء .

يخشى قلمى إنتهاء المدد منه قبل أن يكتب قصة حب واحدة و يحكى تفاصيلها ، يعلم أنه قد يروى حكايا كثيرة إلا إنه يرغب فى حكى رواية لا يعرفها قلم آخر ليس لكونها سرا و لكن لأنه وحده الذى يملك كل التفاصيل .

قلما يعانى الوحدة و الإغتراب و ينسى سطورا قد مرت فى حياتة قد تكون سعيدة بالقدر الكافى لأن يشعر بالإمتنان و لكنه على الأرجح يحب أن يذكر على الدوام كم هى قاسية الحياة حتى لا يطمئن إليها حين تعطيه بعض من السعادة المزعومة .

عودة

أخبرتها عن رغبتى الشديدة فى العودة إليها مرة أخرى و أخذت أعدد مزايا تلك العودة متخيلة أنها سوف ترفض أو أنها لن ترغب فى ذلك الفعل الجنونى و لكننى وجدتها تتمنى هى الأخرى أن أعود إليها و تملكتها سعادة عارمة لمعرفتها رغبتى تلك ، كما أنها أشارت لمزايا أخرى غير تلك التى رصصتها منذ قليل ، ولكنها فجأة نظرت فى عينى تلك النظرة التى كنت أخشاها و أعتقد أنها السبب فى رفضها عودتى إليها ، لقد أيقنت سبب رغبتى فى العودة و عرفت أن غرضى ليس فقط لأننى أحبها و أننى أمتلك سببا آخر أيقنته أيضا ، لم أكن أدرك أنها تشعر بمأساتى بكل تلك القوة ولم أعتقد أنها سوف ترفض رغم رغبتها الشديدة فى إستعادتى .

ضمتنى إليها و إنغمست فى أعماقها ، وشرعت فى البكاء إلا أن مطر عينيها قد سبقنى و غمرنى فلم أملك غير مزيد من التمسك و الإصرار على طلبى و التأكيد على رغبتى الشديدة فى تلك العودة أو البعد النهائى عن كل ذكرى تربطنى بكل شئ و أى شئ ، إما أن أعود داخلها مرة أخرى ، أو أبحث عن وطنا آخر له طرقا وشوارع غير تلك التى كسرتنى و إلتهمتنى ، مدينة غير مدينتى الحزينة ، عيونا غير عيون ألفتها عمرا و سكنتها و سكنتنى ، قلوبا أفقدتنى عمرى و طفولتى البريئة ، إلا إنها أصرت على الرفض و نعتتنى بالهروب و الإستسلام و أكدت على ضرورة البحث عن حلول لأزماتى حتى لو كان هذا الحل هو البدء من جديد قاطعتها بأن عودتى إليها هى البداية الجديدة و لكنها قالت أن عودتى ليست بداية جديدة هى فقط نفس البداية لنفس الطريق .

رفضت أمى أن أعود بداخلها جنين مرة أخرى خوفا من زيادة مأساتى رغم تأكيدها أنها لن تشعر بالإطمئنان على إلا فى هذه الحالة لكنها سوف تتوحشنى و تتمنى رؤيتى مرة أخرى سريعا و أنها تخشى حدوث إختلاف و لا ترانى مرة أخرى كما تعودت رؤيتى ، و أن أكون إبنتها التى تحبها و تفتخر بها تحت كل الظروف و بكل ما يحمل تكوينى من إيجابيات و سلبيات و أنها لا تشعر بالرغبة فى تغييرى وأنها تحبنى كما أنا .

حياتى كما تراها أمى لا ينقصها إلا الحب و الزواج والأسرة المستقرة و أنه لا يعوزنى أى تغيير فى شخصيتى إلا من خلال التخلى عن بعض أولوياتى التى تتمثل فى العمل ثم العمل ثم العمل حتى " نسيت بأننى أنثى " كما تتغنى إحداهن فى إحدى أغنياتى المفضلة و لكن سبب نسيانها لأنوثتها يختلف عن سبب نسيانى لأنوثتى ، حيث أنها تعرضت للخيانة المتكررة ، أما أنا فأهتم كثيرا لمستقبلى و أحاول بناؤه و تنميته قبل أى شئ و على حساب كل شئ ، رغم رغبتى المستميته فى إيجاد من يشاركنى هذا المستقبل و لكننى أتخوف دائما من وقوعى فى ذلك الذى يدمر مستقبلى و يهد ما بنيتة و يقتلعه من جذورى .

أمى عرفت أزمتى دون البوح بها ، و أشارت إليها بإصبع ذهبى ووجدت لى الحل المثالى من وجهة نظرها إلا إننى لم أكن أعرف أن هذا الحل لن يكون هو المثالى لى لأننى إذا فعلت ما قالته لى فلن أكون سعيدة كما ترى هى ، فقط سأجد شريك لى و لكن لن يكون شريك لحياتى و مستقبلى و إنتصاراتى ، لذا فقد عزفت عن رغبتى تلك فى إيجاد هذا الشريك لأننى لن أتغير وسوف أجد من يغمرنى حبا و سعادة دون أى تغيير يذكر و لكننى مازلت أحلم بالعودة إلى بطن أمى لأننى مازلت أبحث عن الأمان .. و الأمان هناك .

معنى الدفء






حينما تثور نيران مدفأتى فى الشتاء ، و أتلحف أغطيتى الصوف كل مساء و ألف فراشى البنفسجى بشموع تبكى اللهب الذى فارقها بإزدراء ، أعرف أن إحساسى بالدفء لا يأتى لكل تلك الطقوس و الترتيبات

فأنا أعرف أن الدفء إحساس يختلف عن المعانى ففيه معنى الحياة ، الدفء يا سيدى تختصره عيناك حين تدغدغ عيناي فى حنان

الدفء هو قلبك الذهبى يهدهد دمع قلبى حين تثقله الهموم و الأوجاع

الدفء هو ما أبحث عنه بين أوراقى و أقلامى وسطورى و الكلمات ، هو ذلك الشعور الذى يسيطر على تفكيرى ليس لأننى وجدته

فقط لأننى أشعره قريبا منى يحرسنى و يضفى على أيامى ملامح العذوبة

أراه ، و أحلم به و أتمناه



بلا عنوان

لربما عشقت بلا عشيق ، و أحببت الحياة بلا سبب ، و شعرت الدفء فى ليلة شتوية تهتز أشجارها بعنف ، و إرتميت فى أحضان الأمان بلا صدرا تغفل بين ثنايا أضلعه أناملى .

لربما إنحنيت عند مرورى بجوار المبانى الشاهقة من قوة إحساسى بالحياة ، و لربما إقتطفت أزهار النخيل بلا و سائل مساعدة .

و لربما عشت الحياة بلا حواجز و بكل الجنون الذى أعشقه تنقلت بخفة و توازن غير مشهودين ، و لربما إكتفيت بالنظر فى عيناك أيها المجهول ، لأختفى فيهما و لا يرانى غيرهما .

و لكننى لا أكتفى بالحلم و البحث فى أعماق الخيال ، أعشق الحياة و أنتمى لكل لحظات العشق المرجوه ، و أمقت الحياة الزائفة المشاعر و الفاسدة الأحاسيس .



الأربعاء، 8 سبتمبر 2010

فقدان ثقه

يحاول جاهدا البحث عما بداخلى ...

يخبرنى عن رغبته المستميتة فى معرفة ما يدور بقلبى من أحزان و أحلام ...

و لكنه أبدا ما وجد ضالته

فى كل مرة يحاول الحصول فيها على إجابات لسؤالاته

أنفجر فى وجهه غاضبة و لا أنطق بغير رغبتى فى البقاء بعيده عن البشر صامته

باحثة عن ... الخلاص

تبكى ملامحه دون أن تدمع عيناه لرؤياي بهذه الحالة

أحاول التعاطف معه و لكننى قبل أى شئ أتذكر قسوتى على من حولى التى إكتسبتها بفعل " الوجع "

أتراجع عن رغبتى فى القرب منه خشية إفتضاح حبى

أعرف أنه يحبنى أكثر و لكن قسوة الخوف ممن حولى تقتلنى

ترى هل شفيت من " فقدان الثقة " أم مازلت أغترب عن أقرب الأقرباء بسبب خوفى من تكرار الألم .

أحاول مرة أخرى إنهاء اللقاء و العودة لعالمى و لكنه لم يترك لى الخيار

فقط إحتضننى بعيناه فإرتميت بين ذراعيه لأحتمى به من العالم الآخر .

أكتب لأنتمى

أكتب لذاك القلم حين أمسكه فيحتوينى و أفض إليه أسرارى ، نسير سويا فوق الورق لنخط عليه أحلاما و حياة ، أهمس إليه بكل معانى الحب و القلق و الخوف و الشوق ، أخبره عن الوحدة و الأمان ، أعلمه أسرار قلبى و أوصيه بالإنتظار ، علّ ما ننتظره سويا يستحق ذاك الإنتظار ، أملى عليه كلمات تذيبنا عشقا فى ذلك المجهول و أخبره بأمنياتى التى قبعت بأنفاسى حتى صارت لا تقوى على الفرار ، أسمعه أغنياتى المفضلة و كلمات شاعر كلما رسم معانى الحب فى أشعاره يغمرنى بألحان تسرق من عينى البريق و تغفو بقلبى و تستكين ، أحكى له عن فيلمى الذى أحبه و مشاهده التى تستوقفنى ، أخبره سرا عن أكبر مخاوفى و أكثر اللحظات ألما فى حياتى ، و أشدو إلية بسعادتى و أقص عليه إنتصاراتى ، أصادقة و أحبه و أحزن بشده حين يفارقنى .


أكتب لتلك الورقة التى شاركتنى حب القلم ، فتضم كلماتنا برفق ، و تهدهد معانيها ، فيكون لكل معنى مشاعر و أحاسيس تأكل الغربة و الأحزان ، أشبعها رحيق عطرى المفضل و أطويها بين صندوق الذكريات ، فتجلس بين قريناتها لتتباهى بما تحمله بين السطور و الذى يختلف عن ما تحمله الأخريات ، فلكل أحاسيس و معان متناثرة و لكل أمور و مواقف مختلفة الأجواء ، أعانى ذاك المرض الذى يجعلنى لا أحن إليهن كثيرا ، و لكنهن دوما فى ذاكرتى محفورات .

قالوا عن الفقد

" المعنى الحقيقي للنضج هو أن نتقبل الفقد بهدوء "
هكذا قرأت ذات يوم و لكنى لم أتحقق من تلك الجملة جيدا حيث أنها لم تفسر عمق الألم المصاحب لذلك الهدوء